بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِلَهِي مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مَحَبَّتِكَ فَرَامَ مِنْكَ بَدَلًا ، وَ مَنْ ذَا الَّذِي
آنس [ أَنِسَ ] بِقُرْبِكَ فَابْتَغَى عَنْكَ حِوَلًا .
إِلَهِي فَاجْعَلْنَا مِمَّنِ اصْطَفَيْتَهُ لِقُرْبِكَ وَ وَلَايَتِكَ ، وَ أَخْلَصْتَهُ لِوُدِّكَ وَ
مَحَبَّتِكَ ، وَ شَوَّقْتَهُ إِلَى لِقَائِكَ ، وَ رَضَّيْتَهُ بِقَضَائِكَ ، وَ مَنَحْتَهُ
بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَ حَبَوْتَهُ بِرِضَاكَ ، وَ أَعَذْتَهُ مِنْ هَجْرِكَ وَ قِلَاك
وَ بَوَّأْتَهُ مَقْعَدَ الصِّدْقِ فِي جِوَارِكَ ، وَ خَصَصْتَهُ بِمَعْرِفَتِكَ ،
وَأَهَّلْتَهُ لِعِبَادَتِكَ ، وَ هَيَّمْتَهُ لِإِرَادَتِكَ ، وَ اجْتَبَيْتَهُ لِمُشَاهَدَتِكَ ،
وَ أَخْلَيْتَ وَجْهَهُ لَكَ ، وَ فَرَّغْتَ فُؤَادَهُ لِحُبِّكَ ، وَ رَغَّبْتَهُ فِيمَا عِنْدَكَ ،
وَ أَلْهَمْتَهُ ذِكْرَكَ ، وَ أَوْزَعْتَهُ شُكْرَكَ ، وَ شَغَلْتَهُ بِطَاعَتِكَ ,
وَ صَيَّرْتَهُ مِنْ صَالِحِي بَرِيَّتِكَ ، وَ اخْتَرْتَهُ لِمُنَاجَاتِكَ ،
وَ قَطَعْتَ عَنْهُ كُلَّ شَيْءٍ
يَقْطَعُهُ عَنْكَ .
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ دَأْبُهُمُ الِارْتِيَاحُ إِلَيْكَ وَ الْحَنِينُ ، وَ دَهْرُهُمُ الزَّفْرَةُ
وَالْأَنِينُ ، جِبَاهُهُمْ سَاجِدَةٌ لِعَظَمَتِكَ ، وَ عُيُونُهُمْ سَاهِرَةٌ فِي خِدْمَتِكَ
وَ دُمُوعُهُمْ سَائِلَةٌ مِنْ خَشْيَتِكَ ، وَ قُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحَبَّتِكَ ،
وَأَفْئِدَتُهُمْ مُنْخَلِعَةٌ مِنْ مَهَابَتِكَ ، يَا مَنْ أَنْوَارُ قُدْسِهِ لِأَبْصَارِ مُحِبِّيهِ
رَائِقَةٌ ، وَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ لِقُلُوبِ عَارِفِيهِ شَائِقَةٌ ، يَا مُنَى قُلُوبِ
الْمُشْتَاقِينَ ، وَ يَا غَايَةُ آمَالِ الْمُحِبِّينَ ، أَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَ حُبَّ مَنْ
يُحِبُّكَ ، وَ حُبَّ كُلِّ عَمَلٍ يُوصِلُنِي إِلَى قُرْبِكَ ، وَ أَنْ تَجْعَلَكَ أَحَبَّ إِلَيَّ
مِمَّا سِوَاكَ ، وَ أَنْ تَجْعَلَ حُبِّي إِيَّاكَ قَائِداً إِلَى رِضْوَانِكَ ، وَ شَوْقِي
إِلَيْكَ ذَائِداً عَنْ عِصْيَانِكَ ، وَ امْنُنْ بِالنَّظَرِ إِلَيْكَ عَلَيَّ ، وَ انْظُرْ بِعَيْنِ
الْوُدِّ وَ الْعَطْفِ إِلَيَّ ، وَ لَا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ ، وَ اجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ
الْإِسْعَادِ وَ الْحُظْوَةِ عِنْدَكَ ، يَا مُجِيبُ ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ "
الإمام علي زين العابدين بن الحسين
تمت